نحن المبرمجين العرب لسنا أقل عبقرية من أقراننا الغربيين ، ولكننا الأقل حنكة منهم في أمور التوحد والاجتماع ، ولست أرى ذلك إلا من الواقع الأليم الذي نحياه متفرقين ونحن أمة الجمعة والعيدين والاجتماع فيها أيما اجتماع.
بينهم ترى ثمار الوحدة تلمس باليدين وبيننا الفرقة والحول بين العينين.
شعرت بذلك حينما كنت أقرأ كتابا يتكلم عن بناء الأنظمة الضخمة كأنظمة البنوك وشركات الطيران ووكالات الأنباء ، حيث لا مجال للخطأ البرمجي فالخطأ يعني ضياع الأموال ، وجدت - وذلك من خلال الكتاب - أن الفكر يولد فكراً ، والفكرة الوليدة محاطة بعوامل النمو ، تترعرع وتنشأ وتشب لتصبح أماً لأخرى في يوم من ذات الأيام.
بينما نحن تولد فينا الفكرة وتوأد هكذا من غير إنذار ولا برهان ، وإن رأت النور يكون الوبال والحقد والغيرة والجحود والنكران من الأقران ، ولا تجد من الناصرين أحداً أبدا ، وإن وجدت من ينصرها تعيش وحيدة فريدة من غير أبناءٍ كأنها قد ولدت عاقراً لا رحم لها ولا أنساب.
فكم من السطور خطها مبرمجينا الكرام ، وكم من الأفكار العبقرية ذهبت أدراج الرياح والأوهام ، كم زرعنا ورأينا النبت لا في أرضنا ولكن في دورٍ غريبة عنا وعن الأوطان ، وأصبحنا بلا ثمرٍ بل أصبحنا أصحاب غزلان.
فهل ثم من أمة تجمع شتات الأفكار ، وتوحد بين العقول والألباب.
من شعر أحمد شوقي (قصة ... أَمَّةَ الأَرانِبِ)
نادِي بهم: يا مَعشرَ الأَرانبِ ** من عالِمٍ، وشاعرٍ؛ وكاتب
اتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي ** فالاتحادُ قوّةُ الضِّعاف