Saturday 15 September 2018

البحث بالجذع ,البحث بالساق


ما هو البحث بالجذع أو البحث بالساق؟

للإجابة على هذا السؤال أعود بكم إلى الوراء قليلا وتحديدا في عام 2005 حين كتب (د. نبيل علي) كتابه حول الفجوة بين معارف المجتمع العربي وبين معارف العصر الرقمي، في كتابه المنشور في سلسلة عالم المعرفة والذي يحمل رقم 318، حيث ذكر في معرض بحثه حول (فجوة صناعة المعجم - ص345) كلاما حول مفهوم الجذع أو الساق.

"(ج) من حيث ترتيب المداخل المعجمية: مازال أساس ترتيب المعجم العربي حائرا بين الجذر root وساق الفعل stem (الجذع)، أي الكلمة الأصلية بعد أن استوفى مبناها ومقوماتها، دون زوائد أو لواحق حيث لا تؤثر في المعنى."

ولكي نستطيع أن ندرك أبعاد كلام الدكتور نبيل علي وما أراد إيصاله للقارئ العربي وقتها، فإنه من الواجب علينا أن نبحث في علم أصول الكلمات في اللغة العربية، ذلك العلم الذي وضعه د. نبيل في مقارنة مع علم أصول الكلمة الإنجليزية الذي شبع بحثا ودراسة والذي قد صنعت له معاجم بأنواع شتى لخدمة المجال الرقمي. وحيث أن ما نعرفه عن أصل الكلمة العربية أن له نوعان، الجذر أو المصدر، وحيث أن كلاهما غير كافي لسد هذه الفجوة الرقمية الحاصله بسبب غزارة الدراسات التي أجريت على الكلمة الإنجليزية والتي انبتت من خلفها تقنيات عالية الدقة في مجالات البحث الآلي وقراءة النصوص الآلية والترجمة الآلية، فإن النقاط الثلاثة التالية توضح الفرق بين مفهوم الجذر ومفهوم المصدر في ظل ما يعرف بمفهوم الجذع الذي أشار إليه (د. نبيل علي) والذي أولته الدراسات الأجنبية جانب خاص في معرض أبحاثها خلف أصول الكلمات الإنجليزية:

1- الجذر:
هو بنية ذهنية مجردة للكلمة، أو حروف أصول تبنى بها الكلمات، يكتب حروفا دون حركات مفصول بينها بنقاط وتوضع بين قوسين، مثل (س.ء.ل)، أو هو الأصل الأول للكلمة الذي لا يجوز أن يتجزأ، وفي اللغة العربية معظم الكلمات لها أصل ثلاثي وبعضها لها أصل رباعي وكلمات قليلة لها أصل خماسي، والكلمات التي تبنى من الجذر تسمى إشتقاقات. والجذر لا يمكن الاعتماد عليه في عمليات البحث الرقمي حيث أن هناك جذور متشابهة لمعاني مختلفة مثل البحث عن كلمة "أمر" والتي لها جذر واحد ولكنها تحمل أكثر من معنى.

2- الجذع (أو الساق): 
هو كلمة مشتقة من الجذر، وهي كلمة أصلية، استوفت معناها واستوفت مقوماتها وأصبحت كلمة مستقلة المعنى، ولا يوجد بها زوائد أو لواحق تؤثر على معناها.

3- المصدر:
هو أحد الجذوع التي تتبع قواعد محددة لاستخراجها من جذرها، والمصدر هو اسم يدلّ على حدث أو فعل مُجرَّد من: الزمان، والمكان، والفاعل، وعدد الفاعلين، وجنس الفاعل، وهو معنى مُجرَّد لا يُدرَك بالحواسّ؛ فلا يُرى ولا يُلمَس مثلاً، وليس لصيغته أي دلالة كأن يدلّ على هيئة الحدث، أو عدده مثلاً، ومثال ذلك المصدر (انطلاق): فالسامع بسماعه أو استخدامه لمفهوم الانطلاق فإنّه لا يحدّد من ينطلق، ولا زمان الانطلاق، ولا مكانه، ولا يستطيع أن يحدّدَ الأشخاص، أو جنسهم، أو عددهم مثلاً، إنّما تتكوَّن لديه صورة الحدث بصورة عامة وهي الانطلاق، إذاً فالمصدر يجمع بين الاسم والفعل من حيث خصائص كلٍّ منهما، فهو يقبل علامات الاسم كالتنوين، وأل التعريف، وغيرها، ويدلّ على حدث كالفعل.

وعليه، فالبحث بالجذع هو بحث بالمعنى الدلالي للكلمة وليس بحثا بالحروف الجذرية للكلمة وفقط، وهذا البحث يعتمد على المضمون الدلالي للألفاظ والمفهوم والغرض والوصف والوظيفة. وهذا النوع من انواع البحث يكون في حاجة إلى نوعية خاصة من المعاجم الدلالية التي تحتوي على شبكات دلالية للمحتوى اللفظي بها. وبناء عليه يستطيع النظام الآلي أن يجيب عن أسئلة من قبيل: أين موضعه؟ ما هي وظيفته؟ كيف يقوم بوظيفته؟، فإذا كنت تبحث عن "عين الصيرة" فسيعرف المحرك أنك تقصد مكان جغرافي ولست تقصد تركيب عين الإنسان.

وقد اقترح بعض الباحثين (في معرض بحثهم حول بناء معجم اللغة العربية) معالجة المباني النصية وفق آليات محددة مثل آلية الفهرسة جذعيا وألفبائيا وآلية التحليل الصرفي  للجذر والجذع والفرع وآلية التحليل التركيبي (الإعراب)، وهنا يظهر مفهوم جديد (مفهوم الفرع) حيث يجب أن نسلط عليه الضوء:

الفرع:
يطلق عليه بالإنجليزية Lemma وفي (اللغات الإلصاقية مثل اللغة الإنجليزية) يعتبر هو الشكل الأصلي للفعل والذي يصلح أن يكون مدخل معجمي للمادة اللفظية للكلمة والذي يصلح أن يكون على رأس الوصف التعريفي في المعجم ويختلف عن الجذر في كون الجذر جزء من الكلمة لا يمكن تغييره حتى مع وجود أشكال متعددة منها. أما في اللغات الاشتقاقية كاللغة العربية فيقع ضمن المعلومات الصرفية للكلمة ويعتبر واحد من مجموعة من الأبنية الصرفية (الجذر والجذع والفرع) المستخدمة لتعيين المعانى الوظيفية للكلمة والذي تحكمه ثلاث قواعد لاستخراجه:
1- هو الكلمة نفسها إذا كانت أداة.
2- هو مفرد الكلمة في حالة الأسماء.

3- هو الفعل الماضي المسند إلى الغائب في حالة الأفعال.

Tuesday 27 March 2018

ما هو البيت كوين؟

ارتفع سعر البيت كوين الواحد إلى ما يقارب ال20000 دولار أواخر عام 2017 ثم انخفض خلال شهر مارس من عام 2018 إلى 8000 دولار تقريبا، وذلك بعد رحلة طويلة بدأت منذ عام 2009، ارتفع خلالها سعر البيت كوين من الصفر تدريجيا محققا استقرار سعري يلامس ال800 دولار في معظم الأحيان، فما هو البيت كوين؟، في هذه المقالة سأحاول الإجابة على هذا السؤال.


البيت كوين هي عملة رقمية ظهرت منذ عام 2009، وأصبحت تهدد استقرار العملات العالمية مثل الدولار والين واليورو، وفي رأيي المتواضع أن البيت كوين هي نتاج طبيعي للتطور التكنولوجي كما هو حال الأكواد مفتوحة المصدر، فالإنسان مازالت تأن بداخله نزعة الحرية، تلك الغريزة التي تدفعه دوما للتحرر من أي نوع من القيود، والتي سلبت منه عبر التاريخ، والسبب الحقيقي لظهور هذه العملة الرقمية هو التطور المتسارع في علوم أمن المعلومات، وخصوصا علم تشفير البيانات، والبيت كوين ليست العملة الرقمية الوحيدة التي ظهرت منذ عام 2009 وحتى الآن ولكنها الأسبق.


مخترع البيت كوين اسمه ساتوشي ناكاموتو، ويبدو أنه شخصية أكاديمية لأنه أنجز الكود وجعله مفتوح المصدر، ووصف اختراعه في ورقة علمية أكاديمية نشرها عبر الإنترنت، ووضع نواة التجمع البشري لمجتمع البيت كوين، ثم اختفى تماما، ولم يسمع أحد عنه شيء بعدها ولم يقابله أحد وتوقف عن الرد على رسائل البريد الإلكتروني منذ عام 2009، ولا يعلم أحد من وراءه من الأساس وهل هو شخص أم مجموعة أشخاص أم جهة أم مؤسسة، وقد أطلق اسمه على قيمة نقدية تساوي واحد من مليون من البيت كوين.

وفكرة الاختراع بسيطه جدا، فقد تخيل نظاما يمتلك فيه كل شخص محفظة نقدية يصرف منها أو يودع فيها، ويكون ضامن الثقة بين الأشخاص هو دفتر حركات محاسبي (ضخم) داخل المحفظة نفسها، ويستطيع أي شخص الرجوع إليه ومراجعته للتأكد من صحة الحركة النقدية وقت حدوثها، أي أن الشخص يحمل محفظته ومحفظة كل من يمتلك بيت كوين في جيبه، ولك أن تتخيل كم عدد النسخ من هذا الدفتر فهي كثيرة جدا وقد يصل عددها لعدد مالكي البيت كوين أنفسهم أو يزيد، والبروتوكول الذي اخترعه ناكاموتو في النظام (وهو مفتوح المصدر بالطبع) يضمن بنسبة 100% عدم اختلاف تلك النسخ عن بعضها البعض مع الحفاظ على سرية هوية الأشخاص وفصلها عن هوية المحافظ التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص بل ويضمن سرية نقل المعلومات بين المحافظ.

وللتبسيط فإن عملية التعدين أو التنقيب ما هي إلا حسابات دفترية بين المحافظ، يمكن أن نتخيل أنها تحتاج لموظف حسابات متخصص يقوم بمراجعة صفحات دفتر اليومية وضبط الصادر والوارد فيه نيابة عن ملاك المحافظ. ويمنحه النظام نظير مجهوده المحاسبي مبلغ نقدي من نفس العملة مقابل مراجعة الصفحة الواحدة من الدفتر، هذه المنحة تكون بمثابة معدن الذهب الذي يجده المنقب في منجم الذهب، فهي قيمة نقدية لم تكن لتظهر في النظام إلا بسبب المراجعة (التنقيب)، ويحكم عملية المنح قاعدة ثابتة، وضعها مخترع النظام منذ اليوم الأول، وليست قابلة للتغير بسبب طبيعة شبكات العمل الجماعي، وهذه القاعدة تفرض بأن يتنافس محاسبي شبكة العمل الجماعي على مراجعة حركات الدفتر واكتشاف الحركة الصحيحة من المزورة، وهذه عملية تستغرق 10 دقائق في المتوسط لكل حركة من حركات الدفتر، ويتقاضى المحاسب الفائز في مسابقة المراجعة مبلغا وقدره 25 وحدة نقدية كحد أقصى عن كل صفحة يقوم بضبطها، وتتناقص قيمة المنحة كلما اقترب إجمالي الدفتر من مبلغ 21مليون وحدة نقدية عبر زمن قدره 131 سنة بداية من عام 2009، ويحل محل المنحة الناقصة قيمة حوالة يحصلها النظام لصالح المنقب من محفظة الصادر، وهنا تظهر عبقرية ناكاموتو، فهو يتجنب التضخم ويستبدل المركزية باللا مركزية.

وظيفة المنقب هذه تحتاج من المنقب أن يوفر جهاز يتصل بشبكة العمل الجماعي، ويكون ذا معالج (أو أكثر) بقوة معالجات الرسومات عالية الدقة، وذلك بسبب ضخامة حجم دفتر الحركات والذي بلغ 16 جيجا بايت في عام 2013، ومثل هذا الجهاز يكلف الكثير جدا من المال، ولهذا لا عجب أن نرى قدامى المنقبين وأصحاب الأجهزة السوبر منهم يحوزون مبالغ ضخمه من البيت كوين نظرا لطول زمن التنقيب وقوة أجهزتهم.

مرجع الكلمات باللغة الإنجليزية: 

البيت كوينBitcoin
التجمع البشريCommunity
المحفظةWallet
دفتر الحركات المحاسبيةLedger
صفحة من الدفترBlock
صفحات الدفتر ذات العلاقةBlock-chain
شبكات العمل الجماعيDistributed Network
التنقيبMining
حركات الدفترTransactions
معالجات الرسومGPU - Graphical Processing Unit
ساتوشي ناكاموتوSatoshi Nakamoto