Monday, 26 May 2008

إياك أن تُبدع

إياك أن تُبدع... وإلا فقدت وظيفتك!

منقول عن مقالة بجريدة الشرق القطرية ، بتاريخ 25 مايو 2008 ، للدكتور فيصل القاسم (مقدم برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة).

يقول الدكتور قاسم في بداية مقاله:

هناك قول أصبح مأثوراً في السنوات القليلة الماضية وهو أن "أكبر حزب في العالم العربي هو حزب أعداء النجاح". فما أن يحاول شخص ما أن يتميز عن الآخرين حتى تتوجه إليه السهام الساحقة الماحقة، ليس فقط من المحيطين به، بل، وللأسف الشديد، من رؤسائه. فبدلاً من أن يبادر المسؤولون عنه إلى تشجيعه، ومدن يد العون له، وتقديره ومكافأته، يلجأون إلى وضع العصي في عجلاته، إذا كانوا رحيمين، وإذا كانوا سافلين فلا يتورعون عن حرق الأرض تحت قدميه حتى يلعن الساعة التي فكر فيها بالإبداع والتميز.

يقول الدكتور قاسم في نهاية مقاله:

ليت صاحبنا الذي أطاره حماسه وإبداعه الوظيفي من منصبه، ليته كان قرأ القانون رقم واحد في كتاب روبرت غرين الشهير، "كيف تمسك بزمام القوة"، لربما عرف كيف يرضي غرور أسياده، ويفرمل غيرتهم. يقول غرين للطامحين للمناصب العليا: "إياكم وأن تحاولوا خطف الأضواء من أسيادكم، اجعلوا أولئك الذين يتسيدون فوقكم يشعرون دائما بتفوقهم بشكل مريح. وفي رغبتكم لإرضائهم وإثارة إعجابهم لا تذهبوا أبعد من اللازم في إظهار مواهبكم وإبداعكم. وإلا فقد حققتم العكس. حاولوا أن تظهروا أمامهم مرتبكين وغير آمنين كي يشعروا بالعلو. اجعلوا سادتكم يظهرون ألمع وأقوى مما هم في واقع الأمر، واظهروا أنتم بمظهر المساكين". وإذا فشلتم في العمل بالقانون رقم واحد من قوانين روبرت غرين الماكيافيلية القذرة، فاعلموا أنكم ستنزلون إلى أسفل السافلين.

لا شك أن قوانين غرين الماكيافيلية الوحشية تناسب مجتمعاتنا العربية أكثر من أي مجتمعات أخرى، وبالتالي فإن العمل بها يجب أن يكون وصية مقدسة في مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية العربية، فإذا كانت المجتمعات التي تحترم نفسها تبحث عن المتفوقين والنشيطين دون ملل أو كلل لأنها ترتقي بارتقائهم، فإن مجتمعاتنا تقاوم التميز والتفوق والنجاح، لا بل تشكل أحزاباً لمحاربته. لا عجب إذن أن يكون الكثير من مسؤولينا، وحتى زعمائنا من الدرجة العاشرة.

No comments: